غداً مسـاء جـديد - أيتهـا .. المظاهـرة المليونيـة "الشـهيرة"

فعلت "المظاهرات المليونية".. ما لم تقدر علي فعله العديد من أشهر المظاهرات أو الاحتجاجات علي مدي التاريخ.

ليس بالنسبة لمصر فحسب.. بل في بلدان شتي من أنحاء العالم.

لقد غيرت تلك المظاهرات الأحداث.. ونزعت عروشا من أماكنها.. ونقلت الجماهير من آخر درجات السلم.. حتي أعالي قمة المجد.

من هنا .. تحتم المسئولية علي بني الوطن -كل بني الوطن- الاحتفاظ بصورة "المظاهرة المليونية".. ومعانيها.. والحرص علي أن تبقي دائماً وأبداً كبيرة.. وساطعة في مقلات العيون..!

أما وأن نحولها .. إلي نوع من أنواع المناسبات الاجتماعية.. أو عمل من أعمال الترفيه.. أو النظر إليها كأنها رحلة.. فهذا هو الخطر بعينه..!

أقول ذلك بمناسبة مظاهرة ميدان التحرير أمس والتي وصفوها بالمليونية أيضا.. ولا أحسب أنها كذلك.. لكن الغريب وصفها بأسماء عديدة.. مرة "جمعة الاستمرار".. وثانية جمعة الخلاص.. وثالثة جمعة الاستقرار..!
تلك الأسماء المتباينة تؤكد -ولاشك- إما أن قوي عديدة "جديدة" قد ظهرت علي الساحة.. أو أن ثمة خلافات بين الشبان الذين أشعلوا وقود الثورة قد أخذت تنشب.. ولا أحسب أن التفسيرين يصبان في بوتقة 25 يناير..!

ثم.. ثم.. إذا تركنا هذين الأمرين جانبا.. وركزنا علي ما طالب به المتظاهرون أمس لأدركنا أننا سوف نبدأ في تضييع وقتنا فيما لا يفيد..!
إنهم يزيدون.. ويعيدون حول ضرورة إقالة حكومة د. أحمد شفيق..!
هذه الحكومة التي لم يمض علي تشكيلها سوي أيام قليلة..!
وبصرف النظر عن تبريراتهم في هذا الصدد.. لكن السؤال الذي لابد وأن يفرض نفسه بنفسه:

هل من المنطق في شيء.. أن نغلق الملفات من جديد ونحاول البحث عن "توليفة" تمثل الأطياف السياسية المختلفة.. مثلما تمثله هذه الحكومة..؟؟
في نفس الوقت.. فإننا لو وافقنا علي المبدأ في حد ذاته .. فإن حكومة تسيير الأعمال.. سوف تحال للمعاش.. في غير أوانها .. لندخل أنفسنا في دوامة "تعطيل الأعمال".. بما يعني أن كافة نشاطات الدولة من تعليم. وصحة.
وتموين. وأمن. واقتصاد لابد وأن تتوقف إلي حين تشكيل الحكومة الجديدة..!
ألا يكفينا.. أن مدارس عديدة لن تستأنف عملها رغم قرار الوزير الجديد بضرورة العودة اعتبارا من اليوم..؟!
هل تعرفون.. لماذا..؟!

لأن أولياء الأموريخشون علي حياة أبنائهم نظرا لأن جهاز الشرطة لم يسترد عافيته بعد..؟!

أيضا .. مازال الناس يموتون أمام أبواب المستشفيات .. بالضبط مثلما كان الحال قبل 25 يناير لأن وزير الصحة تغير مرتين علي مدي أسبوعين.. في نفس الوقت الذي يضرب فيه الممرضون. والممرضات عن العمل.. مما يؤدي إلي خلخلة "العملية الصحية" برمتها..!

ثم.. ثم.. ها نحن جميعا.. نشاهد بعيوننا.. كيف أن الناس العاديين في الشارع يفتقرون إلي مقدمات الأمان.. لأن البلطجية مازالوا يمارسون سطوتهم.. والحساسية المفرطة بين الشعب والشرطة.. تطل برأسها جهاراً.. نهاراً.. ولعل ما حدث في المعادي أول أمس بين سائق الميكروباص. وضابط الشرطة خير شاهد وأبلغ دليل..!

واضح.. أن الشعور بالاستفزاز من جانب الشرطة لم تهدأ نيرانه بعد.. مما يضع رجالها.. في مواقف صعبة يضطرون عندها للدفاع عن أنفسهم بوسيلة أو بأخري.. مما يوقعهم في المحظور.. وهكذا دواليك..!

في النهاية يبقي الأهم .. والأهم:

لقد أعلن المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. أن الحكومة الحالية ليست هي الحكومة التي ستشرف علي الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة.. أي أنها لن تستمر أكثر من ستين أوخمسة وستين يوماً.. فهل من المنطق في شيء.. أن نشكل حالياً حكومة.. نعرف مسبقا أنها لا تستطيع تحقيق أي إنجاز نظراً لقصر المدة التي ستمضيها لتسيير الأعمال..؟؟

وبالتالي إذا كان من بين الاعتراضات.. استمرار المستشار ممدوح مرعي في موقعه كوزير للعدل باعتباره الذي سبق وأن أشرف علي الانتخابات الرئاسية الماضية.. فإنه اعتراض مردود عليه إذا حكمنا قليلا من العقل واستخدمنا أبسط أدوات التفكير السليم..!

يا ميدان التحرير..
بالله عليك.. هل يمكن أن ترفض يوما استقبال ثوارك الذين كان لهم فضل تفجير ثورة التغيير في مصر..؟؟
قطعا.. سوف تجيب بالنفي..!
وبناء عليه.. دعونا.. نبحر ولو قليلا بالسفينة هذه الأيام إلي أن تجيء وتنتهي الانتخابات البرلمانية..
وعندئذ .. يصبح لكل ذي حدث حديث..!