خمائل الطيب: تفسير نشيد الأنشاد
ص 1، آية 17 17-"جوائز بيتنا أرز وروافدنا سرو" ( * )
لقد كان الهيكل الذي بناه سليمان قديما مركزا لاجتماع يهوه بشعبه المختار "يرون قدام الله في صهيون"(مز84: 7) وكانت كل أخشاب الهيكل من الأرز والسرو (1مل5:
وكذا البيت الذي بناه سليمان لنفسه فأنه عمل أعمدته وجوائزه وسقفه من الأرز (1مل7) والأرز الذي كان يؤتى به من جبال لبنان الشامخة هو أقوى وأمتن الأخشاب حتى قيل عن سليمان أنه "تكلم عن الأشجار من الأرز الذي في لبنان إلى الزوفا النابت في الحائط"(1مل4: 33) وهذا دليل قاطع على ان الأرز خشب عظيم وهائل جدا كما أنه بديع ومتين، وفي هذا نرى ان علاقة الرب بشعبه المحبوب الذي اشتراه لنفسه علاقة متينة وثابتة لا يمكن ان يؤثر فيها عوامل الحياة المتقلبة "وأبواب الجحيم لن تقوى عليها"(مت16: 18) تبارك اسم إلهنا الذي أعطانا أيضا ميراثا لا يفنى ولا يضمحل ونحن محفوظون بقوته تعالى لهذا الميراث عينه.
أما السرور فهو رمز البهجة والجمال، فآلات الطرب والغناء كانت تعمل من خشب السرو "داود وكل بيت إسرائيل يلعبون أمام الرب بكل أنواع الآلات من خشب السرو بالعيدان والرباب وبالدفوف وبالجنوك وبالصنوج"(2صم6: 5) هذا فضلا عن أنه خشب مشهور برائحته الذكية، فنحن في حالة الشركة مع الرب داخل المقادس نستنشق رائحة السرو ونستمتع بنغمات آلاته المبهجة "أمامك شبع سرور"(مز16: 11).
ان الأرز رمز الجلال والعظمة والسرو رمز البهجة والبهاء "الجلال والبهاء أمامه العزة والبهجة في مكانه"(1أغ16: 27).
* * *
ثم ان الأرز والسرو يعطياننا صورة جميلة لما ستكون عليه البقية التقية عند رجوعها إلى الرب إلهها "أجعل. . . الأرض اليابسة مفاجر مياه. أجعل في البرية الأرز. . . أضع في البادية السرور. . . "(أش41: 18و 19) "أنا أشفي ارتدادهم. أحبهم فضلا لان غضبي قد ارتد عنه. أكون لإسرائيل كالندى. . . وله رائحة كلبنان. يقول أفرايم ما لي وللأصنام. أنا كسروة خضراء"(هو14: 4-
فعروس الرب الأرضية (البقية التقية) عندما ترجع إلى عريسها يهوه الذي هجرته زمانا طويلا ستغنى مرددة القول "جوائز بيتنا أرز وروافدنا سرو".
ذلك ما لا بد ان يتحقق عمليا في الزمن الألفي السعيد تحت سيادة وسلطان الرب يسوع "ملك الملوك ورب الأرباب" عندئذ يتمتع ذلك الشعب الأرضي بملء البركة والابتهاج "لأنكم بفرح تخرجون وبسلام تحضرون. الجبال والآكام تشيد أمامكم ترنما وكل شجر الحقل تصفق بالأيادي. عوضا عن الشوك ينبت سرو. . . ويكون للرب اسما علامة أبدية لا تنقطع"(أش55: 12و 13) "مجد لبنان إليك يأتي السرو والسنديان والشربين معا لزينة مكان مقدسي وأمجد موضع رجلي"(أش60: 13).
وفي قول العروس "بيتنا" إشارة إلى ان العروس الأرضية تتطلع إلى حالة الاستقرار التي ستحظى بها في سيادة الملك المجيد، فهي لا تتحدث عن خيمة معرضة للاقتلاع بل إلى المسكن الذي تتمتع فيه بشركة مستديمة مع عريسها الممجد.
* * *
وفي قول العروس "سريرنا" و "بيتنا" و "روافدنا" صورة جميلة للوحدة المباركة التي صارت لنا مع رأسنا المجيد ربنا يسوع المسيح، فالله الغني في الرحمة أحيانا مع المسيح وأقامنا معه وأجلسنا معا في السماويات في المسيح يسوع (أف2).
ان العروس التي تقول "بيتنا" لم يكن لها قبلا. لقد كنا تائهين ولكنه في صلاحه وجوده أتى بنا من مفارق الطرق وأدخلنا في دائرة النعمة التي نحن فيها مقيمون وقد مضى إلى السماء ليعد لنا مكانا في بيت الآب وسيأتي ثانية ليأخذنا إليه حتى حيث يكون هو نكون نحن أيضا معه في المجد.
وكم وكم يحلو لنا بيت أبينا ذي الجلال
حيث الحبيب وسطنا والحب تاج وجمال
للمزيد من مواضيعي