خمائل الطيب: تفسير نشيد الأنشاد
ص 1، آية 10
10-"ما أجمل خديك بسموط وعنقك بقلائد".
من الواضح الجلي ان هذا الجمال _ أعني جمال خديها وعنقها ليس طبيعيا بل مكتسبا وأنه _تبارك اسمه _ هو الذي خلعه عليها، فلولا السموط (أي صفوف الجواهر) والقلائد الذهبية التي زينها العريس بها لما رأى فيها جمالا، وهذه هي حقيقة الحال معنا، فنحن في ذواتنا ليس فينا ذرة من الجمال بل "بالأثم صورنا". وهل كان في أعناقنا _ بحسب الطبيعة شيء من الجمال ونحن ينطبق علينا القول: "شعب صلب الرقبة"؟ ولكن شكرا لإلهنا لأنه ألبسنا ثياب الخلاص وكسانا رداء البر فصرنا مثل عروس تتزين بحليها (أش61: 10) شكرا له من صميم أفئدتنا لأجل "زينة الروح الوديع الهادئ الذي هو قدام الله كثير الثمن" (1بط3: 4).
ان العريس هو الذي زين العروس وجملها بفضائله فلم يبق فيها أمام عينيه ما يحزن قلبه "كلك جميل يا حبيبتي ليس فيك عيبة"(ص4: 7) "الأشياء العتيقة قد مضت. هوذا الكل قد صار جديدا"(2كو5: 17) نعم فقد صارت لها حياة ربها المقام والحي إلى أبد الآبدين. يا لها من كرامة ومجد وبركة! ففي عظمة وسمو حبه "بذل نفسه لأجلنا" وكمن صلب وقام من الأموات صرنا شركاء في الميراث معه. "ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا"(يو14: 27) لقد أعطانا ذاته كما أعطانا مجده أيضا "وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني"(يو17: 22) والعريس في إعجابه بعروسه مع أنها لا تزال في البرية فأنه يراها كاملة في كماله هو، كما ان رفقة كانت قد اغتنت وازدانت بجواهر اسحق قبل ان تصل إليه خباء سارة أمه.
"عنقك بقلائد" كما وضع فرعون طوق (أي قلادة) ذهب في عنق يوسف (تك41) وكما أمر بيلشاصر بوضع قلادة من ذهب في عنق دانيال (دا5: 29) إشارة إلى الخضوع للسلطان الملكي كما أنه إشارة إلى الوصول إلى أسمى كرامة ومقام، هكذا الحال معنا فان الرب له الإجلال قد رفعنا إلى أسمى مراتب المجد والكرامة ولكننا في الوقت نفسه تحت التزام الخضوع الكلي لسلطان الله والمسيح.
* * *
أما عن عروس يهوه _ أعني البقية التقية مستقبلا فقد قال النبي قديما "فمررت بك ورأيتك وإذا زمنك زمن الحب. فبسطت ذيلي عليك وسترت عورتك وحلفت لك ودخلت معك في عهد يقول السيد الرب فصرت لي. . .وألبستك مطرزة ونعلتك بالتخس وأزرتك بالكتان وكسوتك بزا وحليتك بالحلي فوضعت أسورة في يديك وطوقا في عنقك ووضعت خزامة في أنفك وأقراطا في أذنيك وتاج جمال على رأسك فتحليت بالذهب والفضة ولباسك الكتان والبز والمطرز. وجملت جدا جدا فصلحت لمملكة. وخرج لك اسم في الأرض لجمالك لأنه كان كاملا ببهائي الذي جعلته عليك يقول السيد الرب" (حز16: 8-14).