--------------------------------------------------------------------------------
ياأحبائى على ممر العصور تعرضت كنيستنا لمحاولات كثيرة لتدمير إيمانها، لكنها تمكنت من الصمود لأنها كانت متمسكة بقوة بمخلصنا ربنا يسوع المسيح. فى نفس الوقت نقرأ فى التاريخ عن كنائس فى بلاد أخرى إرتبكت بأمور الحياة المادية، فإنتهى الأمر بأنها تهاونت فى التمسك بالإيمان السليم فإبتلعتها أبواب الجحيم.
لهذا فمن الخطأ الشديد جدا عندما تتعرض الكنيسة لمحاولات شيطانية لبلبلة عقول المؤمنين أن نتكاسل فى التصدى لها ونخدر ضمائرنا قائلين "لا تخافوا لن تقوى عليها أبواب الجحيم" دون أن نشرح للشعب أن وعد الرب ليس شيك على بياض كما يظن البعض، وإنما هووعد مشروط فقط للمجاهدين فى حفظ الإيمان سليما بدون أى إنحراف وليس للنيام او للمبتدعين،
وإلا فلماذا طالبنا ربنا يسوع المسيح بأن نسهر؟ (لو34:21-36)،
ولماذا حذرنا من الوقوع فى الضلالات وقال أن المضل قادر أن يضل حتى المختارين؟ (مت4:24، مت24:34، مر5:13، لو5:12، لو8:21)،.
الكاتب الاستاذ
نصرى مترى
ونحن نعلم أن هذا حدث فى الماضى ويحدث الآن وسيحدث فى المستقبل، بحسب تحذيرات الروح القدس للكنائس فى سفر الرؤيا (إصحاح 2&3)، وبحسب ما تنبأ الروح القدس على لسان معلمنا بولس الرسول(2تس3:2)، وبحسب ما حذرنا أيضا معلمنا القديس يوحنا الحبيب (1يو7:3) وللمزيد إبحثوا فى الكتاب المقدس، وأيضا لا تنسوا تحذيرات الله فى العهد القديم لأبونا آدم وللعبرانيين.
والآن من يتابع جهود ومحاولات أعداء المسيح فى المسكونة كلها لابد وأن يلاحظ التخطيط الرهيب الذى يحدث أمامنا فى محاولات لتشتيت فكر المسيحيين، خصوصا التابعين للكنائس الرسولية، وإقناعهم بإيمانيات تتعارض تماما مع الإيمان السليم. هنا تأتى مسؤوليتنا أمام اللهفى تسليم الإيمان الأرثوذكسى سليما غير منقوص أو مشوش للأجيال القادمة حتى نستحق سماع صوته الحبيب "نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ، كُنْتَ أَمِيناً فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ....."(مت21:25، لو17:19).
ولهذا فإن مسئوليتنا هذه تحتم علينا فهم مبادئ الإيمان المسيحى الأرثوذكسى فهما سليما وعميقا ، لكى يمكننا فحص كل ما يقدم إلينا فحصا دقيقا بميكروسكوب أرثوذكسى سليم، وتسليم هذا الإيمان للأجيال القادمة سليما كما تسلمناه من السابقين.
والآن إليكم ملخص مختصر جدا للإيمان المسيحى الأرثوذكسى:
+ إننا نؤمن بإله واحد مثلث الأقانيم، أزلى أبدى سرمدى ليس له بداية ولا نهاية،
+ وبأنه ضابط الكل وقادر على كل شئ وبأنه خلق كل شئ ما يرى ومالا يرى من خلال الإبن،
+ ونؤمن أن ربنا يسوع المسيح نور من نور وإله حق من إله حق،
+ ونؤمن بأن ربنا يسوع المسيح، هو أقنوم الكلمة إبن الله الوحيد (مونوجنيس) المولود من الآب قبل كل الدهور ولادة إلهية تفوق فكر كل البشر ولهذا تعجز كل لغات البشر عن التعبير عنها، ولا يحل أبدا أن نقارنها على مثال ولادة البشر كما فعل هراطقة الجزيرة العربية قبل ظهور الإسلام الذين علموا أن الله تزوج العذراء مريم وأنجب منها المسيح وصار الثلاثة ثلاثة آلهة فسقطوا فى الدينونة إلى الأبد وأساءوا إساءة بالغة للمسيحية رغم محاربة الكنائس الرسولية لهذه الهرطقة الشنيعة حربا بلا هوادة،
+ ونؤمن أنه عندما أخطأ أبونا آدم وأمنا حواء وسقطوا فى قبضة إبليس وعدهم الله بالخلاص من خلال نسل المرأة، (أى عندما يتجسد أقنوم الكلمة ويولد من القديسة العذراء مريم بدون أب بشرى كما يحدث مع كل البشر)،
+ وكما علمنا الكتاب المقدس فإن الله محب البشر، والقادر على كل شئ، أخلى ذاته صائرا مثل عبد لكى يُخَلِّصْ كل جنس البشر من خطية عصيان أبونا آدم على الله. وهكذا فى ملء الزمان تجسد أقنوم الكلمة من الروح القدس ومن العذراء كل حين القديسة مريم،
+ وهكذا نؤمن أن اللاهوت اتحد بالناسوت بغير اختلاط، ولا امتزاج، ولا تغيير فى شخص ربنا يسوع المسيح ونما رويدا رويدا – أى تأنس.
+ ونؤمن أن هذا التجسد لم يحد اللاهوت الذى ظل مالئا كل الخليقة وضابطا لها،
+ ونؤمن بأن السيد المسيح كرز بملكوت السموات وصنع كل المعجزات بسلطان لاهوته، وأعلن لنا أنه هو المن الحقيقى النازل من السماء، وأنه هو الطريق والقيامة والحق والحياة، وبأنه واحد فى الآب والآب فيه ومن خلال الإيمان به يمكننا أن ندعو الله قائلين "يا أبانا الذى فى السموات..."،
+ ونؤمن بانه ليس هناك خلاص لجنس البشر من قبضة إبليس إلا من خلال المعمودية لمغفرة الخطايا بالماء والروح بالتغطيس ثلاث مرات بإسم الآب والإبن والروح القدس كما علمنا ربنا يسوع المسيح، ثم نوال الروح القدس من خلال مسحة الميرون، ثم التقدم لسر الإفخارستيا، وهكذا نصير هياكل للروح القدس وروح الله ساكن فينا،
+ ونؤمن بتعليم السيد المسيح أنه هو الكرمة الحقيقية وأننا الأغصان، لهذا فكل غصن لا يثبت فى الكرمة الحقيقية، من خلال الإستمرار فى التناول من سر الإفخارستيا، لابد وأن يجف ويحترق،
+ ونؤمن بأن السيد المسيح هو رأس الكنيسة الواحدة الجامعة الرسولية، وبأن كل المؤمنيين هم أعضاء فى جسده المقدس،
+ ونؤمن بأن السيد المسيح هو هو بنفسه الذى صُلِبَ عنا على عود الصليب فدية عن كل جنس البشر، ومات وإنفصلت نفسه عن جسده لكن لاهوته لم ينفصل قط لا عن جسده ولا عن نفسه لحظة واحدة ولا طرفة عين، ودُفِنَ فى قبر وقام من الأموات فى اليوم الثالث بقوة سلطان لاهوته، وهكذا تمم رسالة الخلاص وأطلق سراح كل الأبرار الذين أسرهم إبليس فى الجحيم منذ أيام أبونا آدم، ومن وقت تمام الخلاص على عود الصليب فُتِحَتْ أبواب الفردوس أمام كل الأبرار المؤمنين بهذا الخلاص،
+ ونؤمن بأن السيد المسيح صعد إلى السموات وأرسل لنا الروح القدس المعزى لتقديسنا وتعليمنا وإرشادنا، ولهذا نؤمن بأن كل أسرار الكنيسة تتقدس من خلال طقوس صلوات التضرع التى يصليها الكاهن لإستدعاء الروح القدس ليحل ويقدس كل الأسرار،
+ ونؤمن بقيامة الأموات وحياة الدهر الآتى فى ملكوت السموات،
+ ونؤمن بأن ربنا يسوع المسيح هو ديان كل الخليقة الذى سيأتى على السحاب فى اليوم الأخير ليأخذ المختارين لأن مملكته مملكة سماوية وليست أرضية، ولهذا لا نؤمن بالملك الألفى على الأرض كما تؤمن بعض الطوائف الغير رسولية المتأثرة بالفكر اليهودى المادى.
وهكذا يتحتم علينا أن نفحص كل ما يقدم إلينا سواء كان كتاب دينى،أو تعليم شفوى، أو فيلم دينى، أو ترتيلة..إلخ فحصا دقيقا من خلال هذه المعايير الإيمانية بدقة شديدة لأنه مكتوب: "مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرَخَاءٍ" (أر10:48) وهذا تحذير من الله للذين يعيشون بمبدأ قبول كل شئ جديد، خصوصا إن كان مجانا، بدون مبالاة تحت حجة الإنفتاح والتطور والمودرنزم وقبول كل الأفكار لنناسب فكر وأسلوب العصر، فينتهى الأمر بتقديم عقارب سامة بدلا من خبز الحياة، ثم يخدرون ضمائرهم قائلين: الشعب نائم ولا يعرف الفرق!!!!!؟؟؟؟؟
وكما نعلم فإنكل إنسان لم يعتمد هو إنسان غير مسيحى، وبالتالى فهو غير مؤمن بهذه المسلمات الأساسية للإيمان المسيحى، وبالتالى إن تكلم أو أصدر كتاب أو فيلم أو...إلخ عن السيد المسيح، فغالبا لن يتفق مع هذه المسلمات الأساسية للإيمان المسيحى، وعليه فكلامه أوكتابه أو فيلمه أو ترتيلته...إلخ لابد وأن يعكس فكرا غير مسيحى، وهذا حقه لا جدال فى ذلك. ولكن فى نفس الوقت الضمير والحكمة يحتمان علينا نحن المسيحيين الأرثوذكسعدم استخدامنا لمثل هذا الإنتاج فى التعليم الكنسى، خصوصا للصغار وللنشء. وأكثر من هذا يجب تحذير الشعب من الأخطاء الموجودة فى هذا الفكر.
ومن جهتى فإن مقالاتى ليست موجهة لهؤلاء، وإنما هى موجهة بوجه خاص لإخوتى الأقباط الأرثوذكس فقط لا غير، لأن رب المجد نصحنا بأن نهتم بخاصتنا أولا (المشار إليها بأورشليم).
أما من يقول أنه مسيحى ويُعَلِّمْ بغير هذا الإيمان، أو ينكر تدبير الخلاص، أو ينكر لاهوت السيد المسيح سواء بطريقة علانية أو مستترةضمنيا كأن يقدم السيد المسيح كما لو كان مجرد إنسان راباى (معلم) أو زعيم مصلح مثل الباقين، فهو إما جاهل، أو منحرف الإيمان، أو هرطوقى وكافر بسر الخلاص من خلال تجسد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، أو خادم للشيطان مندس فى صفوف المسيحيين بهدف التشويش كما نرى فى الكنائس الغير رسولية الكثيرة بأمريكا، وما أكثر هؤلاء فى بقية الدول الغربية والتى يظن البعض أنها دول مسيحية، لهذا يجب رفض أفكارهم وتعاليمهم المنشورة فى كتبهم وأفلامهم...إلخ، وعدم إستعمالها إطلاقا فى التعليم الكنسى، وأكثر من هذا يجب تعليم الشعب كيفية محاربة هذه الأخطاء.
ليس هناك جدال أو مساومة فى هذا الأمر لأننا هكذا تسلمنا مبادئ هذا الإيمان المقدس من الرسل كما كتبوه فى الإنجيل المقدس، معصومين من الخطأ بإرشاد الروح القدس. وهكذا دافع آباء الكنيسة الأولين عن هذا الإيمان إلى درجة الإستشهاد منذ عصر الرسل الأطهار. ليتنا ننتبه جيدا لحفظ هذه الوديعة الغالية ولا نسمح للأشرار بتشويش إيماننا مهما حدث.
+ + +
