الكنيسة خارج اورشليم
بعد تأسيس الكنيسة المسيحية في يوم الخمسين، اتجهت جهود الرسل الكرازية إلى تبشير اليهود أولاً، وعلى الأخص في اورشليم... فقد كان لزاما عليهم أن يشهدوا الرب أولاً أمام أخوتهم وفي معقل اليهودية ذاتها ويعملوا فيها علانية.... وبعد تأسيس كنيسة أورشليم تأسست كنائس في اليهودية والجليل والسامرة وعلي شاطئ البحر المتوسط. قد يظن البعض أن الرسل عقب تأسيس الكنيسة مباشرة وما بين عشية وضحاها انطلقوا إلى أقاصي المسكونة ليبشروها.. لكن الواقع غير ذلك فقد ظلت جهود الرسل والتلاميذ محصورة في نطاق بلاد اليهوديه لمدة اثني عشرة سنة تقريباً وكان ذلك إتمام لوصية الرب لهم قبيل صعوده " تكونون لي شهود في أورشليم وفي كل اليهودية والسامره وإلى أقصى الأرض" (أع1:
... وحكمة الرب واضحة في ذلك... فهو يريدهم أن يسيروا وفق سنن الطبيعة فيبدأون بالخدمة في الحقول الصغيرة كمقدمة لحقل العالم الواسع ويتدرجون من الأسهل إلي الأصعب والأعقدوهكذا، فأنه بفضل هذه الخطة الإلهية الحكيمة استطاعت المسيحية أن تنتشر انتشاراً ملحوظاً في خلال الخمسة عشر عاماً الأولى.... لكن ينبغي ألا نكون مبالغين في تقديرنا لاتساع دائرة الإيمان سواء من ناحية الأماكن التي وصلت إليها الكرازة وناحية أتباع الديانة الجديدة والواقع أن المسيحية شقت طريقها بصعوبة إلي العالم اليهودي خارج أورشليم.
ولا شك أن يوسابيوس المؤرخ كان مبالغاً جداً حينما قال أنه خلال حكم الإمبراطور طيباريوس –أى قبل سنة 37م- أن تعليم المخلص انتشر في كل العالم بسرعة كأشعة الشمس. وللحال خرج صوت الإنجيليين والرسل الملهمين إلى كل الأرض، والى أقصى المسكونة خرجت كلماتهم وصوت الإنجيليين والرسل الملهمين على كل الأراضي، وإلى أقصى المسكونة بلغت كلماتهم. وسرعان ما تأسست الكنائس في كل مدينة وقرية، وامتلأت بجماهير الشعب كبيدر مليء بالحنطة والآن نستعرض مركزين هامين من مراكز المسيحية خارج أورشليم: دمشق وانطاكيه