الهرطقات والمجامع المسكونية
لقد ظهرت في الكنيسة خلال عصورها الأولى عِدة هرطقات نتيجة للتفاسير والتأويلات غير الصحيحة لمفهوم آيات الكتاب المقدس. ولكن الكنيسة إزاء هذه الهرطقات كانت تدعو إلى اجتماعات تُعرف باسم المجامع لبحث هذه الهرطقات وإصدار الحكم بصددها.
وكانت هذه المجامع على نوعين:
مجامع مسكونية: وكانت تشمل ممثلي كل الكنائس.
ومجامع مكانية أو محلية: وكانت تُعقد في الإقليم وتجمع أساقفة وقسوس كنيسة هذا الإقليم.
ويختلف المؤرخون في عدد المجامع المسكونية فبعضهم يقول أنها سبعة وآخرون يقولون أنها 19 مجمعاً.
وكما أن المؤرخين يختلفون في عددها هكذا تختلف الكنائس في الاعتراف بها.
أما كنيستنا القبطية فلا تعترف إلا بالأربعة الأولى منها وهي:-
مجمع نيقية سنة 325م
مجمع القسطنطينية سنة 381م
مجمع أفسس الأول سنة 431م
مجمع أفسس الثاني سنة 449م
وإليك هذه المجامع بشيء من التفصيل الموجز.
المجمع المسكوني الأول
{مجمع نيقية سنة 325م}
سبب انعقاده:
ظهور بدعة أو هرطقة آريوس. وآريوس هذا كان كاهناً ليبياً بكنيسة الإسكندرية.
ملخص الهرطقة:
نادى آريوس بتعاليم مخالفة للعقيدة المسيحية. فالمسيحية تؤمن بأن الله واحد في جوهره مثلث الأقانيم (الآب والابن والروح القدس إله واحد) فالابن من ذات جوهر الله أي أنه مولود منه ولادة جوهرية كولادة النور من النار، وقد ظهر الله في جسد المسيح (1تي16:3).
أما آريوس فقد نادى بتعاليم منافية للعقيدة منكراً لاهوت المسيح وأنه لم يكن إلهاً بل هو مجرد إنسان مخلوق.
فكان نتيجة هذا التعليم أن حدث انشقاق وبلبلة هددت وحدة المسيحية.
الداعي لانعقاد المجمع:
وقد دعا الإمبراطور قسطنطين الكبير وهو أول من آمن مِن أباطرة الرومان بالمسيحية وجعلها الدين الرسمي للدولة فعندما ظهر هذا الانشقاق أراد الإمبراطور أن يحافظ على وحدة الكنيسة فدعا جميع كنائس المسكونة للاجتماع.
رئيس المجمع:
البابا السكندري الأنبا الكسندروس.
مكان وتاريخ انعقاده:
تلبية لدعوة الإمبراطور انعقد المجمع في مدينة نيقية بآسيا الصغرى سنة 325م.
عدد الحاضرين:
قد حضر هذا المجمع 318 أسقفاً ممثلين لجميع الكنائس هذا عدا الكهنة والشمامسة وكان من بين الحاضرين شخصية سطع نجمها وهو الشماس أثناسيوس الذي أصبح فيما بعد بطريركاً للإسكندرية وسُمي [الرسولي حامي الإيمان] وذلك لدفاعه وموقفه إزاء بدعة آريوس.
وكان حاضراً هذا المجمع أيضاً بطريرك الإسكندرية البابا الكسندروس الذي اصطحب شمامسة أثناسيوس للمجمع.
قرارات المجمع:
( أ ) حرم آريوس المهرطق ونبذ تعاليمه.
(ب) وضع قانون الإيمان لدحض بدعة آريوس وهو القانون الذي نردده في كنائسنا إلى يومنا هذا والذي بدؤه: "بالحقيقة نؤمن بإله واحد . . . نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور. نور من نور إله حق من إله حق. مولود غير مخلوق. مساوٍ للآب في الجوهر . . . (إلى) وليس لملكه انقضاء"
المجمع المسكوني الثاني
{مجمع القسطنطينية سنة 381م}
سبب انعقاده:
ظهور عدة بدع أهمها: بدعة مكدونيوس. وكان هذا أسقف القسطنطينية.
ملخص الهرطقة:
نادى مكدونيوس هذا بأن "الروح القدس مخلوق كمثل الملائكة" وهذا منافي للعقيدة المسيحية التي تؤمن أن الروح القدس الأقنوم الثالث إله حق منبثق من الآب.
الداعي لانعقاد المجمع:
كان الداعي لذلك المجمع هو الإمبراطور تاؤدسيوس الكبير.
رئيس المجمع:
البابا السكندري الأنبا تيموثاوس.
مكان وتاريخ الانعقاد:
قد عُقد هذا المجمع بمدينة القسطنطينية سنة 381م.
عدد الحاضرين:
وحضر هذا المجمع 150 أسقفاً من جميع الكنائس عدا الكهنة والشمامسة.
قرارات المجمع:
( أ ) حرم مكدونيوس وتحريم تعاليمه.
(ب) إضافة الجزء الخير من قانون الإيمان الذي بدؤه: "نعم نؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الآب . . . الخ"
المجمع المسكوني الثالث
{مجمع أفسس الأول سنة 431م}
سبب انعقاده:
ظهور هرطقة نسطور أسقف القسطنطينية أيضاً.
ملخص الهرطقة:
أنكر نسطور ألوهية يسوع المسيح وبدأ بإنكار كون السيدة العذراء والدة الإله قائلاً: (إن مريم لم تلد إلهاً بل ما يولد من الجسد ليس إلا جسداً وما يولد من الروح فهو روح. فالعذراء ولدت إنساناً عبارة عن آلة للاهوت. وذهب إلى أن ربنا يسوع المسيح لم يكن إلهاً في حد ذاته بل هو إنسان مملوء بالبركة أو هو مُلهم من الله لم يرتكب خطية) وهذا مضاد لما تعتقد به المسيحية التي تؤمن بأن المسيح أقنوم واحد ذو طبيعة واحدة بعد الاتحاد بدون اختلاط ولا امتزاج ولا استحالة كما نقول في الاعتراف الأخير في القداس: "الجسد الذي أخذه من سيدتنا ملكتنا كلنا والدة الإله القديسة مريم. جعله واحداً مع لاهوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير"
الداعي لانعقاد المجمع:
الإمبراطور تاؤدسيوس الصغير.
رئيس المجمع:
البابا السكندري الأنبا كيرلس الكبير.
مكان وتاريخ الانعقاد:
انعقد هذا المجمع في مدينة أفسس سنة 431م.
عدد الحاضرين:
بلغ عدد الحاضرين من الأساقفة 200 أسقف عدا الكهنة والشمامسة، وكان من بين الحاضرين الأنبا شنوده رئيس المتوحدين.
قرارات المجمع:
( أ ) حرم نسطور وتحريم تعاليمه.
(ب) وضع مقدمة قانون الإيمان الذي بدؤه: "نعظمك يا أم النور الحقيقي ونمجدك أيتها العذراء القديسة والدة الإله . . . الخ"
المجمع المسكوني الرابع
{مجمع أفسس الثاني سنة 449م}
سبب انعقاده:
التماس أوطاخي المبتدع مستأنفاً للحكم الصادر بقطعه من مجمع مكاني عقده فلابيانوس أسقف القسطنطينية.
ملخص الهرطقة:
أوطاخي المبتدع كان رئيس دير في القسطنطينية ولعداوته الشديدة لتعاليم نسطور بدأ يرد عليه ولكنه تطرف في تعبيره عن سر الجسد حتى قال أن جسد المسيح مع كونه جسد إلا أنه ليس مساوياً لجسدنا في الجوهر لأن الطبيعة الإلهية لاشت الطبيعة البشرية وهذا معناه أن اللاهوت اختلط وامتزج بالناسوت. وهذا ما يضاد الإيمان القويم وهو أن اللاهوت اتحد بالناسوت ولكن بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ولكن أوطاخي عاد واعترف بالإيمان الأرثوذكسي وبقرارات المجامع السابقة.
الداعي لانعقاد المجمع:
تاؤدسيوس الصغير الإمبراطور.
رئيس المجمع:
البابا السكندري الأنبا ديسقوروس.
مكان وتاريخ الانعقاد:
انعقد هذا المجمع في مدينة أفسس أيضاً وذلك سنة 449م.
عدد الحاضرين:
حضر هذا المجمع 150 أسقفاً. وقد حضره مندوبين عن بابا روما.
قرارات المجمع:
( أ ) قرر المجمع براءة أوطاخي بعد أن رجع عن آرائه واعترف بقرارات المجامع السابقة.
(ب) حُرم فلابيانوس أسقف القسطنطينية لأنه كان يؤمن أن المسيح بعد تجسده كان له طبيعتين ومشيئتين.
ملحوظـة:
لا تعترف بهذا المجمع كلا من الكنيسة اليونانية وكنيسة روما.