ضيف غير مرحب به أطّل في السنوات الأخيرة على الفضاء العربي ألا وهي قنوات التنصير الفضائية فهي لا تدعو إلى النصرانية وحسب، بل تهاجم وتتهكم على الشريعة الإسلامية ونبيها عليه الصلاة والسلام..
التحقيق التالي وضع هذه القنوات تحت المجهر ليكشف أسرارها ويرصد تحركاتها ويعرف القراء على هذه القنوات التي باتت تشاهد في بيوت المسلمين دون رقابة..
ماهية القنوات
الفضائيات العربية التنصيرية هي تلك القنوات التي تدعو إلى اعتناق الدين النصراني وتطعن في الدين الإسلامي وتوجه خطابها باللغة العربية للبلاد الإسلامية بوسائل وأساليب متنوعة.
أسماء القنوات
بدأ تنافس المنصرين في إنشاء هذه القنوات في بداية التسعينيات فانطلقت أول قناة باللغة العربية وهي نور سات عام 2003 م ثم تبعتها سات 7 في نفس العام ثم توالت القنوات الأخرى فرأينا قناة الحياة والمحبة والكرمه والشفاء والروح ومعجزة حتى وصل عددها إلى ثماني قنوات تنصيرية وربما تكون الأيام حبلى بغيرها.. وبدأت معظم هذه القنوات بعدد ساعات بث قليلة ولكن سرعان ما تدرجت حتى أصبحت تبث على مدى اليوم كاملاً.
تكاليف بالملايين
جاء في التقرير السنوي الدولي لعام 2001م أن تشغيل قناة مثل سات 7 وصل إلى خمسة ملايين دولار ويتوقع أن تصل في السنوات القليلة إلى 10 ملايين دولار، أما قناة نورسات تذكر بأن تكاليفها لعام 2005م اقتربت من الـ6 ملايين دولار.
أهداف هذه القنوات
وتعود أهداف القائمين على هذه القنوات من المنصرين إلى هدفين رئيسين: الأول إعادة النصارى إلى دينهم وتثبيت الإيمان في قلبوهم، وثانياً دعوة غير النصارى لاعتناق النصرانية وهنا يكمن الخطر.
مجاناً.. وإلى بابك
تسعى القنوات التنصيرية إلى نشر الكتاب المقدس عن طريق برامج متخصصة، كما تحاول توفير نسخ منه لكل من يطلبه من المشاهدين بالإضافة إلى توفير المواقع التي تعرفه بالدين مجاناً وكما تحرص هذه القنوات على التواصل مع المشاهد بكل السبل المتاحة حتى وصل بها الحد إلى ربط الشخص بأحد المنصرين في بلده.
حتى الأمازيغ!!
الباحث الشيخ تركي الظفيري والذي أجرى بحثاً موسعاً عن هذه القنوات قال: ركزت هذه القنوات على البث باللغة العربية للعالم العربي والبث باللغة التركية لتركيا وباللغة الفارسية لإيران حتى البرابرة الأمازيغ اهتمت بهم وخاطبتهم بلغتهم، وسارع عدد كبير من الكنائس في البلاد العربية وأوروبا وأمريكا في التأسيس لهذه القنوات.
ثالوث التنصير
(الجهل والفقر والجوع) هذا الثالوث الذي تتصيد فيه المنظمات والقنوات التنصيرية غير النصارى وتجعلهم يعتنقون النصرانية، ويشير عدد من الدراسات إلى أن العديد من المسلمين خصوصاً في شمال أفريقياً ممن يعانون من الجهل والفقر والجوع اعتنقوا النصرانية، وذلك رغبة للحصول على ما يقدمه المنصرون من مساعدات لهم.
الطعن في الإسلام
وحول هذه القنوات يقول (الظفيري): تختلف هذه القنوات من حيث الوسائل المحققة لهدف التنصير منهم من اكتفى بالتبشير بالنصرانية بطريقة سلسة ومباشرة وبسيطة للمتلقي، ومنهم من اعتمد على الطعن في الدين الإسلامي ونبيه عليه الصلاة والسلام، وتركز هذه القنوات على المشاهد على نقطة أن المسيح قريب ويسمع منك ويسمع دعاءك ويجيب عن سؤالك ويحقق المعجزات ويحفظك من الشرور، وقناة معجزة تهتم بما يسمونه معجزات المسيح عليه السلام وخلاص البشرية على يديه وأنه إله أزلي وفي نفس الوقت ابن الله - تعالى الله علوا كبيرا - .
أهدوني الإنجيل
وعن تجربته مع هذه القنوات يقول الظفيري: رصدت بعض القنوات التنصيرية وطلبت منهم نسخة من الكتاب المقدس فأرسلوا إلي كتباً ودراسات ورسائل وعناوين على الإنترنت لزيارتها.
المنظومات الثلاث
ويرى الظفيري بأن مواجهة هذه القنوات والقضاء عليها لا يكون إلا بثلاث منظومات، حيث قال: لا بد من منظومات للمقاومة وبرأيي وجدت من خلال بحثي أنها تتلخص في ثلاث التحصين والتأثير والمواجهة،
فالتحصين أن نحصن الأمة مما تبثه هذه القنوات من شبهات
والتأثير عن طريق القنوات الإعلامية الإسلامية لتدعو الجميع إلى التعرف على الإسلام بصورته الحقيقية،
وأما المواجهة وهي بأن نرد على هذه القنوات على كل شبهة يطرحونها بذات الوسيلة التي يستخدمونها، وأن نبين الكذب والزيف الذي يبثونه.
الأمة والدولة والأسرة
ولم يعف الظفيري أحداً من المقاومة، حيث أشار إلى أنه لا بد أن يشارك جميع أبناء الأمة في مقاومة فضائيات التنصير فعلى الحكومات أن توظف طاقات الأمة بطريقة فاعلة وتهيئ المناخ المناسب لمقاومة الإعلام التنصيري وأن تنشئ مراكز أبحاث متخصصة لرصد التحرك التنصيري، وندعو العلماء والدعاة أن يحضوا الأمة لنشر العقيدة الصحيحة في وسائل الإعلام، وأن يردوا على هذه الشبهات بكل الوسائل المتعددة المؤثِّرة، وعلى الأسرة المسلمة أن تتقي الله في تربية أبنائها وأن تحضهم وتستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.
حكم النظر إليها
وحول حكم مشاهدة هذه القنوات قال الشيخ عدنان بن محمد العرعور الداعية المعروف والمشرف على موقع الإسلام الوسط: لا يجوز متابعة أي قناة، ولا دانا قليل الاداب يا مستر اطردنى أي غرفةٍ صوتية، أو موقعٍ على الشبكة يدعو إلى دينٍ غير دين الإسلام، أو إلى فرقةٍ ضالة، والإنصات إليهم يعد من الكبائر.. وقد يكون بريداً إلى الضلالة وباباً يفتح للزيغ وقال تعالى: {فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ }.
وقال أيضاً: {فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }. وليحذر المخالف لهذا من استدراج الشيطـان بأسـاليبهِ المتنوعة، وخطواتـهِ الخبيثة، ولا يقولنَّ أحد أنا لا يستدرجني الشيطان كيف وقد استدرج أبانا النبي آدم ولهذا حذَّرنا الله عزّ وجل من هذا، فقال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ}.
أوكار الدعارة
وبيّن العرعور أن مشاهدة هذه القنوات، ودخول هذه الغرف والمواقع، لهو أشد خطراًً، وأعظم إثماً من دانا قليل الاداب يا مستر اطردنى أوكار الفاحشة، وحضور موائد أم الخبائث -الخمر والعياذ بالله-، مضيفاً أنه اذا كانت هذه الفواحش والكبائر تجلب الإثم وتنقص الإيمان، فإن هذه القنوات والغرف تشكِّك المرء في دينه، وتفسد عليه إيمانه، وقد قال صلى الله عليه وسلم عن أبواب الفتن، ومنافذ الحرمات “لاتفتحه إنَّك إن تفتحه تلجه”.وقال صلى الله عليه وسلم: “ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه” وذلك لأن شبهاتهم كالسموم لا يعرفها إلا الطبيب، فهي تدخل دون استئذان، ولا تخرج إلا بصعوبة كبيرة جداً، وقد لا تخرج فتفسد على المرء دينه ومن المعلوم ديناً؛ أنَّه سوف يتحمل أولَئِك الذين سهلوا لهذه الوسائل الظهور، ومدُّوا لها يد العون مسئوليةً عند الله عظيمة، فعلى المسئولين منع هذه القنوات من الظهور، لما فيها إفساد للعقائد، وتفريق للصف، وخلق فتنةً بين الخلق.
أعمالهم سراب
من جهته أوضح الدكتور فهد الخليفة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعه الإمام محمد بن سعود بالرياض أن أعداء الإسلام يبذلون الغالي والنفيس من أجل أن يبعدوا الناس عن دينهم وذلك ليضلونهم لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ }.
هؤلاء فقط المتأثرون
وعن تأثيرها على المسلمين قال الخليفة: لا شك أن هذه القنوات تؤثِّر على المسلمين في أخلاقهم ودينهم وليست قنوات التنصير فحسب، بل قنوات البدع والشركيات والسحر والشعوذة والمجون وغيرها مما تبث كل باطل وكل شر ولها تأثير كبير في العوام الذين لا يعلمون من الدين إلا ( شيء بسيط ) وليس لديهم علم ويعيشون في الجهل والفقر ومنهم من شككته في دين الإسلام ومنهم مع مرور الأيام من ترك دينه وتاه والعياذ بالله.
مدعومون من الكبار
وعن كيفية التصدي لهذه القنوات شارك الخليفة الظفيري في الرأي، حيث بيّن أنها باختلاف أساليبها وأفكارها وتوجهاتها هي مدعومة من حكومات ومؤسسات وأفراد مؤثِّرين فلا يمكن مجابهتها إلا بالفكر السليم وإنشاء قنوات تبين عظمة وسماحة الدين الإسلامي وترد على كل هذه القنوات بمختلفها، وأفضل طريقة لمواجهتها برأيه تبني الحكومات لقنوات إسلامية توجه للغرب لمعرفة الإسلام على حقيقته ويمكن لدول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية تثبيت هذه الفكرة والعمل عليها، كما وجد أن مساهمة أصحاب الأموال في هذا الخير يزيد من فرص نجاح هذا المشروع وسيجدون النور والأجر العظيم لقوله عليه الصلاة والسلام: (لئن يهدي الله بك رجلاً خير لك من حمر النعم).
هشاشة دينهم لا تغرينا
ويرى الشيخ راشد بن عثمان الزهراني مدير قناة المجد العلمية أنه رغم امتلاء الفضاء بقنوات التنصير في الغرب إلا أن الإسلام ما زال منتشراً وبقوة حيث قال: في الحقيقة ليس السبب واحداً وإنما أسباب كثيرة ومن أعظم هذه الأسباب قوة الحجة في الدين الإسلامي، فحجج الإسلام وبراهينه وأدلته قوية، تخاطب العقل والعاطفة في توازن لا نظير له في أي دين أو نظام آخر، وفي مقال ذلك التيه والحيرة والظمأ الروحي الذي يعيشه الناس في الغرب بسبب هشاشة أديانهم المحرفة وكثرة الخرافات والأساطير والأباطيل فيها، بما لا يواكب العلم والتطور والمدنية، فكل من تعرف على الإسلام من المتحررين منهم فإنه سرعان ما يقتنع به ويجد فيه ضالته المنشودة.
في القرى لا يأبهون
الداعية بديع الزمان سالم سالياو المتخصص في دعوة الجالية الفلبينية نوَّه إلى أهمية التفريق بين المتلقين، حيث قال تختلف من مسلم جديد لآخر فالذي أسلم عن قناعة وإطلاع لا يتأثر ففي الفلبين وفي القرى النائية ممن اعتنق الإسلام واقتنع به لا يأبهون لهذه القنوات التي تبث على مدار الساعة هناك، ولكن الذي يسلم لأجل كفيله مجاملة أو صديقه أو لأسباب دنيوية ولم يتعمق في الدين ولم يثبت الإيمان في قلبه فهذا من نخشى عليه، وأنا أجزم بأن من أسلم عن قناعة فيستحيل تحوله إلى دين النصرانية إلا أن يشاء الله مقلب القلوب، وأذكر أنه في إحدى المرات جاءني أحد المسلمين الجدد المجتهدين في التحصيل العلمي وقال انظر هذه القنوات كيف يتهجمون على ديننا الحنيف.
تصدوا للقنوات
وذكر سالياو أن المسلمين الجدد لم يكونوا بعيدين عن التأثر فحسب، بل أصبحوا يواجهون هذه الشبهات ويردوا عليها ويدحضونها ويفحمون كبار المنصرّين وهذا ما يسعد ويثلج الصدر.
لا شيء يعادل الإسلام
وشارك الداعية الأمريكي الشهير مطاع بيليه قائلاً: هذه القنوات لا تلقى اهتماماً كبيراً لدى المسلمين الجدد لما عرفوه من سماحة الإسلام، وإنما هي سراب وضياع للوقت ونتائجها تكاد تكون لا تذكر، فمن اعتنق الإسلام أدرك بأنه في نور وبأنه ولد من جديد ولا يأبه لما دون الإسلام، متسائلاً: أي دين يعادل هذا الدين العظيم دين الإله الواحد الأحد؟
نسبة المشاهدة ضعيفة
ويشير الداعية الفرنسي برنارد عبدالسلام بأن المسلمين الجدد من الأوربيين لا يشاهدون هذه القنوات ولا يعيرونها اهتماماً فهم يعتبرونها مجرد أكاذيب وضلال، والقائمون عليها هم مجرد أناس فقدوا الحق واتبعوا الزيف وصدقوا الأكاذيب التي يحيكونها والقصص التي يروونها لمن يجهل الحقيقة.