نبــوات العهــد القـديـــم
عـن السيــد المسيـح
لما شرع السيد المسيح فى خدمته الجهارية ، فى مجمع الناصرة مستخدما أقوال أشعياء النبى : " روح الرب على لأنه مسحنى لأبشر المساكين أرسلنى لأشفى المنكسرى القلوب "
قال : " اليوم قد تم هذا المكتوب فى مسامعكم " [ لوقا 4 : 18 – 21 ] ، وقال فى موعظته على الجبل : " لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ، ما جئت لأنقض بل لأكمل . فإنى الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل " [ متى 5 : 17 – 19 ] .
لقد اقتبس السيد المسيح الكثير من آيات العهد القديم ، والأحداث والرؤى ، والوصايا ... والنبوات فى الأنبياء ؛ كلها تشير إلى مجىء السيد المسيح ، بل أن العهد القديم بكل أسفاره ينصب فى اتجاه واحد هو " مجىء مخلص العالم " ..
كان السيد المسيح يوجه أنظار اليهود إلى ما كتب عنه من خلال العبارات : " أما قرأتم " و " مكتوب " ، و "لا يمكن أن ينقض المكتوب " و " الكتب تشهد لى " و " ينبغى أن يتم الكتاب " .....
ولما دنا من الصليب لم تزل شهادته للأسفار ذات معنى مقدس " ها نحن صاعدون إلى أورشليم وسيتم كل ما هو مكتوب بالأنبياء عن ابن الأنسان " [ لوقا 18 : 31 ] .....
ولعل أعظم شهادة شهد بها لأسفار العهد القديم كانت بعد قيامته من الأموات ، ففى يوم القيامة ذاته قال للتلميذين المنطلقين إلى عمواس : " أيها الغبيان والبطيئا القلوب فى الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء ، أما كان أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده ، ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء أن يفسر لهما الأمور المختصة به فى جميع الكتب " [ لوقا 24 : 25 – 27 ] .... لقد أثبت أن العهد القديم بجملته يشهد لمسيح العهد الجديد .
وبعد هذا ظهر للأحد عشر " وقال لهم هذا هو الكلام الذى كلمتكم به وأنا بعد معكم أنه لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عنى فى ناموس موسى والأنبياء والمزامير . حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغى أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات فى اليوم الثالث " [ لوقا 24 : 44 – 46 ] .
ولكن خشية أن لا يكون هذا كافيا لتثبيت إيماننا ظهر السيد المسيح فى رؤيا ليوحنا متوشحا بمجده الأسمى وهو لا يزال يقتبس من الكتب المقدسة دالا بها على نفسه بحسب الخطة التى سار عليها وهو على الأرض حيث يقول : " لا تخف أنا هو الأول والآخر والحى وكنت ميتا وها أنا حى إلى أبد الآبدين آمين ولى مفاتيح الهاوية والموت " [ رؤيا 1 : 17 ، 18 ] – ثم يقول مشيرا إلى نفسه : " الذى له مفتاح داود الذى يفتح ولا أحد يغلق ويغلق ولا أحد يفتح " [ رؤيا 3 : 7 ] ؛ فقد استشهد هنا بعبارتين وردتا فى نبوة إشعياء أحد أنبياء العهد القديم ، الأولى قوله " هكذا يقول الرب .... رب الجنود ، أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيرى .... " . [ إشعياء 44 : 6 ] ، والثانية قوله : " واجعل مفتاح بيت داود على كتفه فيفتح وليس من يغلق ويغلق وليس من يفتح " [ إشعياء 22 : 22 ] .
حقا إن بيده مفتاح الأسفار المقدسة ! فهو الذى يفتح ما استغلق من معانيها للمتواضعين ويفتح أذهانهم لقبول تلك المعانى .
+ + +
_________________
أن الله الذى وعدك بالغفران اذا تبت لم يعدك بيوم اخر اذا اجلت القديس اغسطينوس