أيها العزيز دعنى أوجه التفاتك إلى السؤال الخطير الذي في رأس هذه الكلمة . إنه سؤال قصير ولكنه ذو أهمية لا تقدر ، فأنت لابد واحد من أثنين لا ثالث لهما : إما خالص أو هالك ، وعلى هذا يتوقف مصيرك الأبدى فإما نعيم مقيم أو عذاب أليم . إما أن تكون خالصا وبذلك تكون منتظرا اللحظة التي فيها تنتقل إلى السعادة الأبدية ، وإما هالكا ومسرعا نحو اللحظة التى تقذف بك بعيدا عن كل رجاء إلى الظلمة الخارجية حيث البكاء وصرير الأسنان .
أيها القارىء العزيز : إذا لم تكن مستعدا للأبدية فقف وتأمل جديا في ذلك المستقبل الخطير ! قد تصل إلى النهاية قريبا. ولكن سواء كان قريبا أم بعيدا فليس أدعى إلى أهتمامك وتفكيرك من أمر أبديتك التى لا نهاية لها : أين ومع من تقضيها ؟ مع أنها لا تنقضى . هل في أحضان المجد والسعادة ؟ أم بين براثن التعاسة والشقاء ؟ هل في بيت الآب بجانب المخلص المجيد وبين جمهور المخلصين ومع الملائكة القديسين ؟ أم في بحيرة النار مع إبليس وملائكته وبين عصابات الأشرار والمجرمين الذين عاشوا في كل العصور ؟ وكم تكون هذه الأخيرة أبدية شقية حقا ، مجرد التفكير فيها مزعج ومروع ! في الوقت الحاضر توجد فرص فيها ينام الإنسان فينسى شقاءه وحزنه ولو إلى حين ، ولكن هناك في الجحيم لا نوم ولا هجوع . في الوقت الحاضر قد نجد مكانا هادئا ننعزل فيه فننفس عن أنفسنا قليلا بالعبرات والزفرات ، أما هناك فلا هدوء ولا عزلة ولا تنفيس ، بل تبقى العيون مفتوحة لكل المناظر المزعجة والمخيفة ولا تغمض ، وتبقى الآذان مفتوحة لسماع اللعنات والتجاديف من كل ناحية ولا تسد ، وتبقى النفس معذبة لا تستريح لحظة واحدة ، لأن كل رجاء قد مر وولى ، وأقبل القنوط واليأس المميت !
ولكن كفى كفى ! لا أريد الإفاضة في ذلك – شكرا لله أيها القارىء العزيز فباب التوبة والخلاص مفتوح أمامك على مصراعيه . أفلا ترجع إلى الرب يسوع الآن ؟ ألا تهرب إليه الآن ومسألتك لا زالت في يدك ، وقد سمعت شيئا قليلا عن المستقبل المخيف ؟ لا تتأن حتى تكمل قراءة هذه الورقة بل إرفع قلبك الآن كما أنت ، إلى الرب يسوع فهو يناديك بمحبة كاملة ونعمة غنية "تعال إلى وأنا أريحك ، ويقوك أيضا " من يقبل إلى لا أخرجه خارجا" . لا تتوقع أن تكون في يوم من الأيام أكثر تأهلا للاتيان إلى المسيح منك في الوقت الحاضر . ولا تفتكر أن قلب المخلص يكون أكثر ترحيبا ، وذراعى الأب أكثر قبولا في أى وقت منه في الوقت الحاضر . تأكد أن سرور الآب وأبتهاجه بقبول الأبن الضال يفوق سرور الضال نفسه أضعافا مضاعفة . فيا لها من نعمة ومحبة ! ويا لها من رحمة وطول أناة ! تبارك أسمه العزيز الوحيد إلى الأبد .
ليس في أستطاعة الكاتب مهما كانت مقدرته أن يدرك تماما قوة هاتين الكلمتين " خالص ! هالك" فهما في غاية الخطورة والأهمية لأنهما تتضمنان للنفس الخالدة كل بركة وسعادة من الجهة الواحدة ، وكل شقاء وعذاب من الجهة الأخرى في الحياة الحاضرة وفي الأبدية أيضا . وهاتان الكلمتان كافيتان لتقسيم الجنس البشرى بأجمعه إلى قسمين لا ثالث لهما ولا درجة متوسطة بينهما . فنقرأ في الكتاب أن " أبن الأنسان قد جاء لكى يطلب ويخلص ما قد هلك " كل من يؤمن به يخلص ومن لا يؤمن هو هالك .
ليس أنه سيهلك إلى الأبد فقط ، بل هو هالك من الآن تحت جرم ودينونة الخطية . وهو بكل أسف غافل عن عواقبها. كما قال أحدهم وهو قول مؤكد : شاب شجاع ذكى مؤدب ولكنه هالك . جميل جذاب محبوب ولكنه هالك . حازم مجتهد ومحب ، ذو آداب ومبادىء ، ولكنه هالك . كريم مهذب مواظب على حضور الكنيسة ولكنه هالك .
تأكد أيها القارىء أنه إذا تجمعت فيك كل الصفات المذكورة آنفا ولم تكن مؤمنا إيمانا حقيقيا بالمسيح فأنت هالك ، ولا يوجد شيء يستطيع أن يطهرك من خطاياك إلا دم المسيح الثمين . وكل شخص خالص إنما خلص بالإيمان بدم المسيح الذى يطهر من كل خطية . نعم وأصبح خالصا بخلاص الله العظيم . وكلمة "خالص ، تتضمن كل البركات، ففيها الحياة الأبدية والغفران والتبرير والتقديس والمصالحة والبنوة والقبول في المحبوب وسكنى الروح القدس والأقامة في النعمة وإنتظار المجد الأبدى .