وهل توجد ادله ترضي العقل ويصادق عليها المنطق السليم تؤكد لنا ان السيد المسيح شخصيه حقيقيه عاشت بين الناس علي مسرح التاريخ
نعم فالسيد المسيح شخصية تاريخية حقيقية لأن كتاب العهد القديم وهو الكتاب المقدس عند اليهود الذين رفضوا السيد المسيح في مجيئه الأول، يعلن بوضوح عن ميلاده ويرسم معالم شخصيته التي نراها في جلالها في كتابات العهد الجديد :
عشرات النبؤات جاءت عن السيد المسيح في العهد القديم متحدثة بدقة متناهية عن ميلاده، ورسالته، وطريقة موته، وقيامته، وصعوده إلي السماء، ومجيئه الثاني ليملك علي هذه الأرض ..
وكانت معاني هذه النبؤات واضحة تماماً في صيغتها ومفهومها للدارسين لها،
لنأخذ علي سبيل المثال نبوة منها وهي الخاصة بمكان ميلاد السيد المسيح..
فتعال معي لنقرأ ماذكره انجيل القديس متي الرسول :
(ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودس الملك. إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلي أورشليم قائلين :
أين هو المولود ملك اليهود؟ فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له. فلما سمع هيرودس الملك اضطرب وجميع أورشليم معه. فجمع كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب وسألهم أين يولد السيد المسيح؟ فقالوا له :
في بيت لحم اليهودية.لأنه هكذا مكتوب بالنبي، وأنت يابيت لحم أرض يهوذا لست الصغري بين رؤساء يهوذا. لأن منك يخرج مدبر يرعي شعبي إسرائيل)
(مت2 : 1-6)
والنبي الذي ذكر اسم المدينة التي سيولد فيها السيد المسيح هو ميخا النبي الذي عاش قبل ميلاد السيد المسيح بسبعمائة سنة، وهذه بالحرف كلمات نبوته :
(وأما أنت يابيت لحم أفراته وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطاً علي إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل)
(ميخا 5 : 2)
هذه واحدة من النبؤات التي تمت بحرفيتها في السيد المسيح، وليس يعقل كما أنه ليس من المستطاع أن يرسم كتاب العهد الجديد، وهم في غالبيتهم شرذمة من غير العلماء أو المثقفين، صورة تنطبق كل الانطباق علي الصورة التي تنبأ بها العهد القديم، لو لم يكن السيد المسيح شخصية حقيقية رأوها، وعاشروها ولمسوها، ولهذا تحدثوا عنها بيقين كما قال يوحنا الرسول تلميذ السيد المسيح الحبيب :
(الذي كان من البدء. الذي سمعناه. الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة00 الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به)
(يو1 : 1 - 3)
ومع هذا كله فإننا نجد ظاهرة جديرة بالعناية والتفكير في الكتاب المقدس هي ظاهرة الكلمات الصريحة التي تتحدث عن اختيار الله لإسرائيل وتفضيلهم علي الشعوب الأخري التي عاصرتهم،
ثم الحديث عن اللعنات والغضب الإلهي الذي ادركهم،
فلماذا اهتم الكتاب المقدس بالتاريخ اليهودي، والديانة اليهودية، والشعب اليهودي.
وما علة اختيار الله لهم، تم تشتيتهم وصب اللعنات عليهم بسبب عصيانهم؟
(تثنية 28 : 15- 68)
والجواب الوحيد الذي نجده في الكتاب المقدس ويرضي عنه العقل بارتياح :
هو أن الله قد اختار هذا الشعب في القديم، وكرمهم هذا التكريم، لأن السيد المسيح مخلص العالم كان مزمعاً أن يأتي منهم كما كتب بولس الرسول قائلاً
(إن لي حزناً عظيماً ووجعاً في قلبي لا ينقطع. فإني كنت أود لو أكون أنا نفسي محروماً من السيد المسيح لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد. الذين هم إسرائيليون ولهم التبني والمجد والعهود والاشتراع والعبادة والمواعيد. ولهم الآباء ومنهم السيد المسيح حسب الجسد الكائن علي الكل إلهاً مباركاً إلي الأبد آمين)
(رو 9 : 3- 5)
فلكي يتمم الله ماقاله بخصوص السيد المسيح، اختار هذا الشعب، وتحفظ عليه، وأحاطه بالعناية حتي جاء منه السيد المسيح مخلص العالم، وفي هذا أصدف دليل علي أن السيد المسيح شخصية حقيقية.السيد المسيح شخصية تاريخية حقيقية بدليل وجود المسيحية :
لاجدال في أن المسيحية ديانة شائعة يدين بها أكثر من ثلث سكان الكرة الأرضية..
فمن ذا الذي أوجد هذا الدين المؤثر المنتشر العجيب؟
لقد أوجد (بوذا) البوذية،
واوجد (كنفوشيوس) الكنفوشية،
وأوجد (زرادشت Zoroaster) الزرادشتية،
وإذا تابعنا التفكير المنطقي السليم الذي يحتم أن يكون لكل دين مؤسس أو نبي زعيم، وجب أن نؤمن بوجود مؤسس للمسيحية هو بلاشك شخص السيد المسيح الكريم
فالمسيحية بوجودها القوي، وكيانها الرائع، وتأثيرها البالغ الذي أحدثته في العالم إذ أخرجته من بربريته وحبه للدماء، وأشرقت عليه بأنوار المحبة النازلة من السماء دليل علي حقيقة شخصية السيد المسيح.
المحاور : أنا لا أنكر أن المسيحية قد غيرت الكثير من الصور التي كانت في العالم قبل مجيئها.
أجل لقد صار العالم بعد المسيحية غير العالم الذي كان فبلها،
فقد رفعت المسيحية قدر المرأة،
فبعد أن كانت سلعة من سقط المتاع تشتري وتباع، صار لها اعتبارها وكرامتها00
وألغت المسيحية تعدد الزوجات.
فأعطت بذلك للأسرة أستقراراً وأمناً،
كذلك جعلت الفرد يشعر بقيمته فلم يعد وجهاً ضائعاً بين الوجوه في زحام الحياة، بل عرف أنه كيان مستقل يهتم به الله ويرعاه (لأنه هكذا أحب الله العالم حتي بذل ابنه الوحيد لكي لايهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية)
(يو 3 : 16).
--------------------------------------------------------------------------------
لقد قلت لك ان المسيحية غيرت الكثير من الصور التي كانت في العالم قبل مجيئها ولكن هذا لايعني ان السيد المسيح كان حقاً شخصه حقيقيه وليس خيالاً!!
ان وجود المسيحية بهذا التأثير الفعال دليل واضح علي حقيقة وجود السيد المسيح،
أما إذا أردنا أن ننكر شخصية السيد المسيح التاريخية فهذا يوجب علينا أن ننكر كذلك بوذا، وكنفوشيوش، وزرادشت، وغيرهم من مؤسسي الديانات الموجودة في أرضنا،
بل يوجب علينا أن نجد علة ترضي عنها عقولنا لوجود المسيحية،
وأن نفسر كيف انتصرت المسيحية،
وقد لاقي اتباعها الكثير من صنوف الاضطهاد والعذاب والاستشهاد، وكانوا في غالبيتهم شرذمة من الجهلاء والضعفاء،
علي الوثنية التي تحميها الدولة الرومانية بقوتها العسكرية، مع أن المسيحية في انتصارها وانتشارها لم يقم أتباعها بغزوة من الغزوات، ولم يشهروا سيفاً، ولم يستخدموا ضغطاً مادياً لإرغام الناس علي اعتناقها والإيمان بمسيحها.
ويقيناً اننا لن تستطيع أن نجد تعليلاً لكل ما احدثته المسيحية من تغير في عالمنا الا باعترافنا انه حدث بتأثير شخص حقيقي عاش فعلاً علي هذه الأرض.
وان هذا الشخص هو السيد المسيح له المجد.
هل لديك دليل آخر؟
لقد تعلمنا من نظرية (الأواني المستطرقة)
أن السائل لايرتفع أعلي من المستوي الذي انحدر منه ..
وعلي هذا القياس نسأل :
أين هو الإنسان البشري الذي يقدر أن يقول ما قاله السيد المسيح في كلماته
(قد سمعتم أنه قيل للقدماء لاتزن وأما أنا فأقول لكم إن كل من ينظر إلي امرأة ليشتهيها فقد زني بها في قلبه)
(مت 5 : 27- 28)
أو أن يقول (سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن وأما أنا فأقول لكم لاتقاموا الشر بل من لطمك علي خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً)
(مت5 : 37- 39)
أو أن يرفع من قدر الفقير حتي وأنت تتصدق عليه فيقول (احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم. وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات.
فمتي صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الأزقة لكي يمجدوا من الناس. الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتي صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ماتفعل يمينك. لكي تكون صدقتك في الخفاء. فأبوك الذي يري في الخفاء هو يجازيك علانية)
(مت 6 : 1- 4)
أو أن يجعل الصلاة صلة خفية بين الإنسان وخالقه، ليست لمجرد التظاهر، بل للتعبد بنقاء وطهر فيقول
(ومتي صليت فلا تكن كالمرائين. فإنهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشواع لكي يظهروا للناس. الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتي صليت فادخل إلي مخدعك وأغلق بابك وصل إلي أبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يري في الخفاء يجازيك علانية. وحينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلاً كالأمم. فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم. فلا تتشبهوا بهم. لأن أباكم يعلم ماتحتاجون اليه قبل أن تسألوه) (مت 6 : 5-