التفاؤل والرجاء
قداسة البابا شنودة
إن التفاؤل يأتى من الإيمان بعمل الله من
أجلنا، ومن الرجاء بأنه لابد سيعمل عملا بالتفاؤل يرى الإنسان أن الليل مهما بلغ ظلامه، لابد سيأتى بعده الفجر المنير، وأن برد الشتاء يعقبه دفد الربيع، وهكذا يتأمل الشخص فى النقاط البيضاء فى كل ما حوله، وبالإيمان يرى الخير فى كل شئ، لاينظر الى الظلمة الحالية، بل
إلى النور الذى سيأتى، لاينظر إلى ما يراه الآن،
وإنما ما أعد» الله له فيما بعد.
وقد كنت أقول للزين فى ضيقة: تذكروا ثلاث عبارات هى أدربنا موجود كلا للخير مصيرها تنتهى ، فلا توجد ضيقة تستمر ،فمهما طال زمانها لابد انها ستنتهى، انما تأخذ شكلا هرميا، فترتفع حتى تصل الى قمتها ، ثم تنحدر الى أسفل وتنتهى، وتنتهى على خير وحقا كله للخير، لان ربنا موجود ،فبالرجاى يت كد
الشخص ان الله لابد ميتدخل وحينشذ سوف تزول كل المشاكل ومنصلح الأمر، إن نظرة الخوف والشك تجلب اليأس، أما نظرة التفاؤل والإيمان فانها تؤكد ان الله لابد سيعمل عملا، ولو فى الساعة الرابعة والعشرين.
والإيمان يقول: ليس ما نراه نحن، إنما ما يراه الله لأجلنا وليس ما نعمله نحن، إنما ما يعمله الله من أجلنا، وعمل الله فى القديم، يعطينا الثقة والرجا< بعمله فى المستقبل، إن عمل الله قادر أن يغير القلوب، وأن بينيها من جديد .
~~ كثيرون جدا تصفر ففوسهم أمام المشاكل التى تبدو معقدة، وبلا حل، فتزيد حموب الشيطان من متاعبهم، ومحتاجون إلى كلمة تعيد إليهم الرجاء، يحتاجون الى نافذة من نور تبدد الظمة التى تكتنف ففوسهم، والرجاء إذن هو شئ هام فى الحياة، ولو فقد الإنسان الرجاء، فقد كل شئ، بل قد يقع فى اليأس ومقع فى الكأبة، وتنهار معنوياته ،ومقع فى القلق والاضطراب ومرارة الانتظار بلا هدف.
وقد يقع ألعوبة فى يد الشيطان الذى يقال عنه إنه يقطع الرجاء.
اما الانسان الروحى فمهما تعقدت الأهور أمامه، ومهما بدى أن الله قد تأخر فى إرسال المعونة، فإنه
ان كانت لديك مشكلة فانتظر الله لكي يريحك وينقذك منها ولكن لاتنتظر الرب وانت متضايق وخائف ومتزمروفي ضجر
لايفقد رجاه أبدا ، إنه يؤمن بأن نمير المستطاع عند الناس، هو مستطاع عند الله، وأن كل ما أمر مهما بدى مستعصيا وصعبا ومعقدا ، فهناك رجاء يقدمه الله.
~~ إن الانسان الروحى لا~ء أن الله سيعمل فى المستقبل، فهذا إيمان ضعيف، وانما هو يؤمن أن الله يعمل حاليا ، وان كان لايرى عمله، لكنه واثق تماما أن الله يعمل ومكون له رجاء بنتيجة عمله التى سيراها فيما بعد، إنه لاينظر إلى الضيقات، إنما ينظر إلى الله الذى يبعد عنه الضيقات، لذلك فإن الرجاء يصاحبه فى كل حين، وفى كل حال، ولا يفارقه أبدا ،إنه رجاء فى محبة الله، وفى مواعيده الصادقة، ورجاء فى قوة الله القادر على كل شئ، رجاء فى أن الله الذى عمل فى القديم، والذى يعمل كل حين، هو قادر أن ينجيه من كل ضيقة، وهذا الرجاء فى معونة الله، يعطى الإنسان سلاما فى القلب، وطمأنينة فى الداخل، وفرحا لعمل الله.
والذى يعيش فى الرجاء، ينظر دائما بابا مفتوحا فى السماء، مهما كانت أبواب الأرض مفلقة، فالله حينها يفتح لايسقطيه أحد أن يفلق، والإنسان المؤمن يعرف تماما أن الله يحبنا أكثر مما نحب أنفسنا ، ومعرف الخير لنا أكثر مما نعرف الخير لأنفسنا ، وموقن أن الله يدبر أموو الكون كلها حسب حكمته نمير المحدودة.
ومقول فى ضميره إن كل الأشياء تعمل معا للخير للزين يحبون الله، ونقصد الخير بالمقاييس اطهية، وليس الخير بمفاهيمنا البشرية، ومقول احيانا اذا ضاقت به الأعور: إن
المر الذى يختاره الرب لى، خير من الشهد الذى أختاره لنفسي
والمؤمن يرى . فى حياة الرجاء . أن كل مشكلة لها عند الله حل أو عشرات الحلول، وأن كل الأهور التى تمر بنا فى حياتنا : إن كانت خيرا فسوف تصل إلينا بكل بركة، وان كانت شرا ، فإن الله صانع الخيرات سيحول الشر الذى فيها إلى خير، والمؤمن يثق ايضا أن حياته ص فى يد الله وحده، وليست فى أيدى الناس، ولا فى أيدى التجارب والأحداث، ولا فى أيدى الشياطين.
وما دامت حياته فى يد الله، فإن الله سوف يحفظه فى سلام، ويحرسه فى الليل والنهار، ومحفظ دانا قليل الاداب يا مستر اطردنىه
وخروجه.
لذلك إن كانت لديك سشكة فانتظر الله لكى يريحك ومنقذك منها ، ولكن لاتنتظر الرب وأنت متضايق وخائف ومتذمر وفى ضجر.
وتقول فى داخل نفسك: لماذا لم يعمل الرب حتى الآن؟ ~ وأين محبته ورعايته وأين عمله؟ نعم لاتنتظر عمل الرب ´ وأنت فى شك من المستقبل، وفى شك من قيمة الصلاة وفاعليتها ! ! إن كل طك المشاعى ضد فضيلة الرجاء، فالانسان المضطرب أو اليائس أو المنهار، إنما يدل على أنه فاقد الرجاء. اما منتظرو الرب فإنهم ينتظرونه فى قوة غير خائفين، وا~ يثقون بمواعيد الله السابقة وبصفاته اههية المحبوبة، باعتباره الراعى والحافظ والساتر والمعين، وأنه رجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين، وأنه يعطينا باستمرار دون أن نطب وقبل أن نطب فكم بالحري إذا طلبنا .
وأعرف تماما ان الله إذا سمح لك بضيقة، فإنما
يكون ذلك لمنفعتك، والضيقات هى دائما مدرسة الصلاة، ربما حياة التنعيم تبعدنا عن الله.
اما الالم فإنه يقربنا اليه فتصير صلواتنا أعمق وأكثر، وتصير أمسر امنا أكثر روحانية، إن الضيقات التى ا~ داود النبى، صارت نبعا لمزاميره، يفنيها على العود والقيثار والمزمار، وصارت ينبوعا لتأملات روحية، وصلوات عميقة ~ الأجيال من بعده، بل الضيقات أعطته قوة فى شخصيته.
ومن جهة الأمراض، فعلى الرغم من أن المرض أفة يحاربها الناس، ويهربون منها الى الطب والدواء، فإن أمراضا كثيرة قادت إلى التوبة، وفعلت ما لم تفعله أعمق العظات، وبخاصة الأمراض الخطيرة والمؤلمة، فكم قد أدخلت كنيرين فى عهود مع الله، وفى نذور قد موها إليه، وفى حياة جديدة معه، أو فى توبة واستعد اد للموت، حقا إن كل الأمور تعمل معا للخير، لذلك عش سعيدا مهما حدث لك، وقل فى ثقة كله للخير